عز الدين صالح

مراسل آرتا إف إم في رأس العين/ سري كانيه

التكهفات في رأس العين تكلف الأهالي منازلهم وأرواحهم

شهدت مدينة رأس العين (سري كانيه) ظهور تكهفين جديدين الإثنين، نتيجة انهيار طبقات الأرض بشكل مفاجئ، دون تسجيل إصابات بشرية.

على حافة تكهف بعمق 18 متراً وقطر تسعة أمتار، تقف زهرة ميرزو متأملة ما تبقى من منزلها، الذي انهارت أجزاء كبيرة منه قبل ثلاثة أشهر، إثر انهيار طبقات الأرض بشكل مفاجئ في حي روناهي في رأس العين/ سري كانيه.

تقول الأرملة الثلاثينية وهي تشير بيدها إلى قعر التكهف: "كان هذا منزل عائلتي، لكنه أصبح ركاماً."

وتعيش ميرزو الآن مع أطفالها الستة في منزل في الحي نفسه، استأجرته بـ 45 ألف ل.س شهرياً.

تضيف ميرزو:

"كنا مقيمين في المنزل ولم يكن هناك أي شيء، قبل نحو عام ونصف العام، بنينا هذا المنزل، وكان قد عرض علينا مبلغ 25 مليون ليرة لقاء بيعه، لكننا لم نبعه. وقبل الشتاء قمنا بطلاء وصيانة المنزل، لكن قبل شهر انهار المنزل. في البداية ظهرت تشققات في جدرانه، واتسعت مع مرور الوقت. زارنا مهندس من البلدية وطلب منا إخلاء المنزل فوراً. خرجنا حوالي الساعة السابعة مساء، وفي اليوم التالي الساعة السابعة صباحاً تقريباً انهار المنزل."

على بعد 11 متراً من يسار التكهف، تتأمل ريما محمد علي منزلها الذي اضطرت إلى إخلائه لأنه معرض للانهيار. تقول المرأة الأربعينية والدموع حبيسة عينيها، إنها تفكر بشكل جدي بالعودة إلى منزلها، على الرغم من ازدياد التشققات في جدرانه وتوسعها يوماً تلو الاخر، ذلك أنها لا تستطيع تحمل أعباء الاستئجار.

"كنا نقيم في هذا المنزل الذي اشتريناه بعد 19 سنة من معاناة التنقل والاستئجار، لم يكن المنزل يعاني من أي شيء، لكن حينما انهار منزل جارنا، حدث في منزلنا ميلان وتشققات، وطلبت البلدية منا إخلاء المنزل فوراً. نقيم حالياً في منزل استأجرناه بمبلغ 25 ألف ليرة، الذي تنتشر فيه الرطوبة، وزوجة ابني حامل، والطبيب طلب منا مغادرة هذا المنزل لأن الرطوبة تؤثر على صحة الجنين، لكن ليس بمقدورنا دفع تكاليف أخرى، لذا نريد العودة إلى منزلنا رغم كل شيء."

بدورها، تلوم نورا جمال الدين بلدية الشعب في رأس العين (سري كانيه)، لعدم تحمل مسؤولياتها إزاء ظاهرة التكهفات. فمنزلها أيضاً لم يكن بمنأى عن الأضرار التي خلفها التكهف، وقد اضطرت إلى إخلائه بطلب من مهندسي البلدية.

تقول نورا إنها تعيش مع والدتها المسنة، ولا تزال تدفع أقساط الأعمال التي نفذتها لصيانة البيت، قبيل وقوع الحادثة.

وتضيف:

"اعتقدت بداية أن هناك مشاكل في الصرف الصحي في الشارع، وقلت ربما تكون في منزلي، لذا قمت بتديل كل التمديدات الصحية، وكلفني ذلك مبلغ 1.4 مليون ليرة. ونحن نقيم حالياً في منزل جارنا، ووضعنا أثاثنا في قبو منزله. أحصل على راتب قدره 61 ألف ليرة، وليس بمقدوري استجار منزل بـ 40 ألف ليرة. أخبرونا أننا نستطيع السكن في مدرسة أو في غرفة مسبقة الصنع. بعدما كنا نستقبل اللاجئين في مدينتنا سنتحول إلى لاجئين فيها."

يمتد التكهف إلى أسفل المنازل المجاورة في الشارع، ويعرض سبعة منها لخطر الانهيار. لكن سكان أربعة من هذه المنازل يرفضون الخروج منها على الرغم من تحذيرات البلدية لهم.

عضو الدائرة الفنية في بلدية الشعب، عبد العزيز أوسي، يقول إن شوارع رأس العين (سري كانيه) شهدت خلال الأعوام الثلاثة الماضية ظهور أكثر من 40 تكهفاً.

أوسي يشرح  أسباب تكرر هذه الظاهرة:

"هناك ثلاثة أسباب، بالإضافة إلى العوامل الطبيعية. بمعنى أن التكهفات موجود من قبل، لكن العوامل الأخرى تساعد على ظهورها. على سبيل المثال إذا حصل كسر في خطوط المياه، أو إذا حدث تسرب من خطوط الصرف الصحي، بالإضافة إلى الاهتزازات التي تحدث بسبب السيارات الكبيرة مثل الشاحنات"

حلول إسعافية هو كل ما تستطيع بلدية الشعب فعله للتعامل مع التكهفات في المدينة، لكن أنصاف الحلول هذه غير مجدية، بحسب الأهالي.

المهندس عبد العزيز أوسي يرى أن الحد من خطر التكهفات مرهون باستبدال شبكات الصرف الصحي بالكامل في أجزاء من المدينة، وذلك يحتاج إلى ميزانية تتجاوز 1.5مليار ل.س، وهو ما يفوق طاقة البلدية.

يذكر أن ثمانية منازل على الأقل تم إخلاؤها من سكانها خلال عام 2018. كما فقد طفل حياته في العام ذاته بسبب أحد هذه التكهفات.

مئات المنازل السكنية والمنشآت العامة أيضاً مهددة بالانهيار في رأس العين/ سري كانيه.

استمعوا لتقرير عزالدين صالح كاملاً:
 

كلمات مفتاحية

التكهفات رأس العين سري كانيه